لا أدري كيف تسلل هذا الشخص الى حياتي

ولا أذكر أي يوم أو أي تاريخ جمعني بهذا المتسلل عنوة الى سراديق العمر

كل ما أذكرة أن الأقدار جمعتني به ذات مساء في أروقة أحدى العيادات كنت انتظر دوري

يومها كنت اشعر بقلق فظيع ..لا أعلم مصدره

دقات قلبي تتسارع .. وكذا أنفاسي .. ويداي آه كم أشفق عليهما

قد احمرتا من كثر الفرك .. فقد كنت أنفس عما بداخلي بالضغط عليهما

في تلك الأثناء .. جاء هو ..

لم أهتم كثيراً لحضوره ..فإنشغالي منصب على نفسي ونفسي فقط وما ينتظرني

من نتائج للفحوصات مع الطبيبة ..

تتوالى الأسماء .. ومع كل خروج لأحدى المريضات يرتعش جسدي .. ويتصبب العرق مني

وبت احس اني جسدي كله مشتعل بنار خفية ..

سستر .. لاحت منها التفاته لي

نعم مدام .. بهدوء شديد سألتها وكأنني استجديها الإجابة

بقي الكثير على دوري ربتت برفق على كتفي

وأجابت ((شوية مدام ))

هززت رأسي

عادت لتربت علي أنت كويس مدام ..مافي خوف صح

آه .. ايوه ايوه أنا كويس لويسا شكراً

مافي خوف ياه .. ماادراها بأن الخوف يتملكني منذ سنين

وما أدراها بأنني اتمنى أن أعود من حيث أتيت

لم يعد قلبي يتحمل الصدمات يالويسا ..

حدثتني نفسي .. قد يشعر بخوفك الجميع الا هو يا

( جنى )


( جنـــــــــــى )



( جنـــــــــــــــــى )


( حزينة هي جنى ،، )



وسبحت بأفكاري وتهت في عالمي .. بملكوت آخر ..


بمدائن أخرى لا أجد للخوف فيها مكان

وأعود على صوتها في شيء مدام ..

يا ألهى مازالت واقفة تتمعن في وجهي ..

وبسرعة رددت .. نو نو لويسا مافي شيء شكراً

آه

لويسا تعرفني واعرفها منذ أن رحل (( خالد ))

عن دنياي ..

اختفت عن أنظاري وبقيت اتبعها بعينان ذابلتان وفكر مشوش

ودقات قلب سريعة .. تتنتظر شيء ما تجهله

خالد الناصر .. جاء صوت الممرضة قوي

فقد اخترق هذا الأسم خالد الناصر فكري وقلبي

والتفت الى خالد ... ورأيته يتأهب للدخول

وددت لو أنني امسك به للحظات حتى أتأملة ..

أتأمل خالد

ودلف الى العيادة وبقيت أنتظره ..

ياه ياخالد ..

وحشتني .. وحشتني بجد

أفتقد كل شيء فيك

قلتها وأنا أتذكر ذاك البريء الصغير .. ذو العينان الواسعتان اللامعتان

والفم الصغير .. وتلك اليدان التي رسمت لي طريقي ذات يوم ..

خالد صغيري أنا .. منذ سنين طويلة فقدتة

هكذا لا لشيء يذكر فقد كتبت لنا اقدارنا الا نلتقي

فقدتة .. قبل أن تعانق شفتاي شفتاه .. وقبل أن اضمة الى صدري

لإشتم عبيره .. ورائحة الطفولة فيه ..

ياه ..

لماذا ياخالد واليوم بالذات

لماذا تعود لي ذكراك .. في يوم رمادي كيومي هذا .

دمعتان سخيتان فرت من عيناي ..

لتتدحرج على خدان أرهقهما كثر البكاء وطول السهر وألم الفقد ..

مسحت دموعي .. ومن قلب مكلوم .. قلت (( يارب كُن معي ))

حاولت اشغال نفسي عن الماضي .. وخالد الذي أحب

وتصفحت احدى المجلات التي أمامي ..

كم أشفق عليك يانفسي .. عشرون عام ومازال حلم خالد

يطاردك .. ومازال خالد كسراب .. لن تستطيعين الوصول له ..


فجأه

يفتح الباب لأراه أمامي (( خالد الناصر )) نفس الإسم

الذي كان سيحمله طفلي .. يوم ولادته ..

حتى لقب العائلة يا رب ارحمني

التقت أعيننا بصمت .. يا الله هو أمامي ..

يشبهه كثيراً ..

تاملته كثيراُ ووو كثيراً .. ووقف مكانه .. لاحراك

وكأنما يريدني أن لا أكف عن التحديق به ..


ابتسم بصمت .. وبهدوء مضى


ذهب .. الى حيث لا أدري تماماً كما جاء

وعلى ذكرى خالد الناصر .. جاءت البشرى

بحضور من سيحي ذكراه مدى العمر ..

ولكن قلبي يضج بالحب لذاك الخالد الذي أجهل كل شيء

عنه .. حتى أبسط التفاصيل ..

ويبقى طيفه ..

ومازلت أبحث عنه .. فسأهديه طوق الياسمين

فقد وجدت فيه الأملين ..

أمل راحل .. وأمل قادم

الى الحياة بقوة ..


ويبقى لقائي به .. لقاء بلا موعد

 

بقلم :: مرمريتا